كل مكان قابل للحياة في اليمن حولته ميليشيا الحوثي إلى ساحة للموت، حيث نثرت ألغامها في المزارع والمدارس وفِي وسط المنازل وحول القرى والمدن وفِي السواحل، في حالة قد تشكل وفق تقديرات الخبراء ابشع حالة انتشار للألغام الأرضية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وربما يصل تعدادها إلى أكثر من مليون لغم.
في السهول والجبال وفِي البحار، الألغام التي تنتجها ايران أو دربت الميليشيا على صناعتها حصدت حياة آلاف اليمنيين بينما آلاف آخرون فقدوا أطرافهم وقدرتهم على الحياة بسبب هذه الألغام.
ويقول ركن التوجيه المعنوي في المقاومة الوطنية اليمنية، احمد غيلان، البيان: «نزعت القوات المشتركة من الساحل الغربي حوالي 60 ألف لغم وتقديراتنا أن هناك حوالي 70 ألف لغم لا تزال مزروعة في المزارع والطرقات وفِي منازل وبيوت القش إذ إن المليشيا لم تترك مكانا إلا وزرعته بالألغام».
وأضاف: هناك كميات كبيرة من الألغام الإيرانية وأخرى يتم تصنيعها محليا لأن المواد المتفجرة التي تم العثور عليها، معبأة في أكياس للسكر كانت جاهزة ليتم وضعها في أي علبة وتركيب جاهز تفجير ولهذا وجدنا أشكالا ونماذج مختلفة للألغام التي تصنع محليا على أشكال قطع إسفنج او أحجار او علب مشروبات وهذا يجعل الأطفال والمدنيين ابرز ضحاياها.
ووفق ما ذكره غيلان فان الكميات المهولة من الألغام التي زرعتها المليشيا ونوعية المواد المتفجرة وإدخالها في عبوات كتب عليها سكر ابيض تؤكد أن الميليشيا تهربها عبر ميناء الحديدة كما عثرت الفرق الهندسية على أدوات تفجير مصنعة في احد البلدان العربية وقريبا سيتم بث مقاطع مصورة لهذه لأدوات، بحسب غيلان.
وقال: لدينا معلومات مؤكدة بان مجموعة من عناصر الميليشيا تلقوا تدريبات مكثفة لدى عناصر مليشيا حزب الله اللبناني وعلى يد الحرس الثوري وان هؤلاء يشرفون على تعبئة وتجهيز العبوات محليا باستخدام أسطوانات الغاز او مواسير المياه الكبيرة، ولَم يتركوا شيئا يمكن استخدامه في التفجيرات إلا واستخدموه.
إقرار أممي متأخر
برنامج الأغذية العالمي من جهته اكد رسمياً أن ميليشيا الحوثي لم تترك حتى مخازن الغذاء من زرع الألغام ووضعها في عبوات وأكياس أغذية بغرض حرمان الملايين من الجوعى من الحصول على حصتهم من الغذاء كما اقر أخيرا أن هذه المليشيات تتعمد إعاقة إيصال المساعدات للمحتاجين.
وقال المدير العام التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ديفيد بيزلي إن مقاتلي جماعة الحوثي تمركزوا في مستودعات الأغذية كما نشروا قناصتهم عليها. وأكد أن الحوثيين قاموا أيضا بزراعة الألغام في مطاحن دقيق البحر الأحمر بمدينة الحديدة، علماً بأن «بازلي»، كان قد وصف ما شاهده على الأرض خلال زيارته إلى اليمن، بأنه «كوابيس»، مؤكدا أن كمية المساعدات لن تكون كافية للوصول إلى المحتاجين لها.
نهج انتقامي
وتتعمد ميليشيا الحوثي مع كل انتكاسة وهزائم زرع عشرات الآلاف من الألغام والعبوات الناسفة بشكل عشوائي في الطرقات والقرى والمزارع قبيل اندحارها وفرارها من المناطق التي تم تحريرها، وكنهج إرهابي انتقامي من المدنيين أطفال وشباب ونساء وكبار السن.
ففي الساحل الغربي وزعت ميليشيا الحوثي الموت عبر زراعة آلاف الألغام والعبوات الناسفة، التي حصدت أرواح الكثيرين، فيما تسابق الفرق الهندسية الزمن لتطهير المناطق المحررة منها.
وخلال أسبوع في جنوب التحيتا لقي أربعة من السكان مصرعهم وجرح 3 آخرون بانفجار الغام زرعتها ميليشيا الحوثي في قريتي قطابة والحيمة.
ويشكو الأهالي في الساحل الغربي أنهم محاصرون بالألغام والمتفجرات التي زرعتها ميليشيا الحوثي حول قراهم ولا يستطيعون الذهاب إلى مزارعهم وأعمالهم أو حتى التجول في محيط قراهم التي حولتها الميليشيا الكهنوتية إلى حقول ألغام ومتفجرات زرعتها قبل أن تغادر مدحورة.
جهود «مسام»
وتسابق وحدة الهندسة العسكرية الوقت في المناطق المحررة في الساحل الغربي لانتزاع وتفكيك الألغام والمتفجرات التي خلفتها ميليشيا الإرهاب الحوثية، مؤكداً أن الأمر يحتاج لوقت وجهد حتى يتم التخلص منها حيث تستمر الفرق الهندسية المتخصصة في مسح المناطق.
وأكد أسامة القصيبي مدير المشروع السعودي لنزع الألغام «مسام» أن قضية الألغام وزرعها بكثرة بأنواع مختلفة من قبل الحوثيين في اليمن تجاوز كل الأعراف والمواثيق وهم أمر لم يسبق له مثيل في أي دولة شهدت مناطقها حروب.
وأضاف إن «موضوع الألغام في اليمن مهمل غربياً سواء إعلامياً أو أممياً، ولم يعط اليمن حقه لمشكلة الألغام التي زرعها الحوثيون، هناكولم يعط اليمن حقه لمشكلة الألغام التي زرعها الحوثيون، هناك تجاهل لهذا الأمر، الأمم المتحدة مقصرة في رأيي».
ووصف القصيبي قيام الحوثيين بتحويل لغم مضاد للآليات إلى مضاد للأفراد بـ«جريمة حرب» القصد منها قتل الشعب اليمني بشكل متعمد.
وأوضح أن الحوثيين حولوا لغم الآليات الذي يحتاج إلى وزن 100 كيلو غرام وما فوق لينفجر، ليصبح الضغط عليها من 10 كيلو غرامات تنفجر عن طريق دواسات كهربائية.
وعن تقديراته لعدد الألغام التي زرعتها ميليشيا الحوثي، قال القصيبي «في الواقع مليون لغم هو تقدير شخصي لكن الرقم الصحيح سيظهر في نهاية المشروع بعد التأكد مما تم نزعه من مختلف الأطراف العاملة على الأرض».
وأردف: نحن نتفهم زراعة الألغام في الجبهات العسكرية والمواقع الدفاعية على خطوط القتال، لكننا وجدنا الألغام كما ذكرت في القرى وحدائق البيوت، والمدارس، وهو ما يعني أن الغرض من هذه الألغام ليس عسكريا، وأصبحت العملية إرهابا.
وأفاد بيان صادر عن مشروع مسام لنزع الألغام، أن الميليشيا الحوثية حاولت إخفاءها بأشكال وألوان وطرق مختلفة في عدد من المدارس والبيوت.
ووفق الوحدات الهندسية في القوات المشتركة فقد تنوعت أشكال الألغام التي زرعتها الميليشيا لاصطياد ضحاياها من المدنيين وصغار السن، فمنها ما هو على شكل صخور إذا كانت المنطقة التي تزرع فيها جبلية وعلى شكل كتل رملية في السهول، بالإضافة إلى الألغام المعروفة الأخرى بكل أنواعها.
ولأن المليشيات تعمدت زرع الألغام والعبوات الناسفة بشكل عشوائي في الطرقات والمنازل والمزارع فان السكان أمام خيارين إما أن يوقفوا حياتهم إلى حين تطهير تلك المناطق وهو أمر يحتاج لوقت طويل او المغامرة بالذهاب إلى مزارعهم او السماح لأبنائهم بالخروج للهو وانتظار الموت.
الحيوانات لم تسلم
إجرام الميليشيا ليس له حدود فقد طال الصغار والكبار والمزارع والحيوانات أيضا لأنها لم تترك مكانا توجد به مقومات الحياة إلا وزرعته بالألغام، فالمواطن اليمني علي أحمد الجعيدي من أبناء قرية الجعدة مديرية «ميدي» حجة.
وبينما كان يراهن على الثروة الحيوانية التي يمتلكها لمواجهة الظروف المعيشية الصعبة أفاق صبيحة يوم ليجد نفسه وقد فقد ٣٠ من ماشيته، إذ ترك الأبقار في المزرعة ولَم يكن يعلم أن المزرعة قد تحولت إلى حقل ألغام انفجر في أبقاره فقتل قطيع البقر كاملاً.
نظرات القهر والحسرة التي اعتلت وجه الرجل كانت كافية للكشف عن حجم القبح والإجرام الذي ترتكب إلا ودمرته.
يمكنك الدخول الى موقع مأرب برس لقراءة الخبر من المصدر
إرسال تعليق