معلومات تنشر لأول مرة.. «وول ستريت» تكشف كواليس حرب «الحديدة» والتحركات الإماراتية ومواقف واشنطن والبنتاغون
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا لمراسلها ديون نيسونباوم، يقول فيه إنه عندما بدأت الإمارات برسم خطتها في وقت سابق من هذا العالم للسيطرة على أهم ميناء في اليمن فإنها لجأت إلى الجيش الأمريكي للمساعدة، لكن رد الفعل الأمريكي لم يكن ما توقعته الامارات.
ويشير التقرير، إلى أن الإماراتيين قاموا بعرض خططهم على مساعدي الجنرال جوزيف فوتيل في القيادة الأمريكية المركزية، التي تشرف على العمليات العسكرية في الشرق الأوسط، بحسب المطلعين على المحادثات.
ويلفت نيسونباوم إلى أن الجنرال فوتيل حذر الإماراتيين من أنهم سيواجهون صعوبة في الاستيلاء على الميناء، بحسب أولئك الأشخاص، وقال لهم بأن أمريكا لن تقدم لهم كاسحات الألغام، ولا المعلومات الاستخبارية التي تجمعها الطائرات المسيرة التي أرادوها لمعركة الحديدة، التي يعد ميناؤها بوابة المساعدات الإنسانية لليمن.
وتبين الصحيفة أنه كان لهذا الصد الأمريكي دور مهم في حزيران/ يونيو في إبطال مفعول الهجوم الإماراتي، وساعد أيضا في خلق مجال للدبلوماسية التي قادها مبعوث الأمم المتحدة الخاص، حيث استطاع التوسط لتحقيق وقف إطلاق للنار في 13 كانون الأول/ ديسمبر في محادثات السويد، مشيرة إلى أنه وسط اتهامات متبادلة بخرق الهدنة، فإن مراقبين تابعين للأمم المتحدة وصلوا إلى اليمن الأسبوع الماضي؛ لمحاولة الحفاظ على الهدنة قبل جولة المفاوضات القادمة في كانون الثاني/ يناير.

ويفيد التقرير بأن هذا الدور الذي قام به الجنرال فوتيل خلف الكواليس، بدعم من وزير الدفاع جيم ماتيس، ساعد في التخفيف من حدة حرب السعودية والإمارات في اليمن، بوضع حدود ضيقة على المساعدات العسكرية المباشرة، في الوقت الذي وفرا فيه إرشادات استراتيجية للتحالف الذي تقوده السعودية، بحسب مسؤولين غربيين وشرق أوسطيين.
ويستدرك الكاتب بأن محاولات الكبح تلك فشلت في إرضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، الذي رفض مناشدات إدارة ترامب، وصوت هذا الشهر لقطع الدعم الأمريكي للحرب.

وتذكر الصحيفة أن كلا من ماتيس والجنرال فوتيل سيغادران موقعيهما قريبا، حيث سيغادر ماتيس الثلاثاء، وسط خلاف على قرار الرئيس ترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا، فيما يتوقع أن يتقاعد الجنرال فوتيل في بدايات العام القادم، بعد أن قضى سنوات أدى فيها دورا أساسيا في رسم الاستراتيجية العسكرية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا.
ويكشف التقرير عن أن ماتيس كان على اتصال دائم بالسفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، بالإضافة إلى أنه تحدث مرارا مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتين غريفيثس، الذي توسط في تحقيق اتفاق سلمي مؤخرا، مشيرا إلى أن ماتيس تحدث مع ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد في الوقت الذي جمعت فيه المفاوضات زخما، بحسب المطلعين، كما تأكد وزير الدفاع من وجود مستشار للجيش الأمريكي في موقع المحادثات في السويد.
وينوه نيسونباوم إلى أن الجنرال فوتيل أدى دورا أساسيا في مناقشة الخطط الميدانية مع قيادات الجيش السعودي والإماراتي، بحسب المطلعين على تلك المناقشات.

وتجد الصحيفة أن الدور الذي قام به الرجلان في الصراع كان حاسما في التخفيف من حدة الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، والدفع بالتالي بالحليفين الخليجيين إلى طاولة المفاوضات.
وبحسب التقرير، فإن كلا من البنتاغون والقيادة المركزية رفضا التعليق على إجراءات اتخذها ماتيس أو فوتيل في الفترة المؤدية إلى الهدنة، وقال أحد كبار المسؤولين في الإدارة إن ماتيس "تدخل شخصيا للمساعدة في التوصل إلى حل سلمي"، فيما قال آخرون إن دورهم كان غير أساسي.
وينقل الكاتب عن المسؤول الغربي، قوله: "ما فعلاه كان خارقا.. كانا هناك كل خطوة على الطريق يقومان بأصعب الأمور، وجعلا الأمر جليا لكل شخص ذي علاقة بأن الحل السياسي هو الطريق الوحيد للخروج من هذه الحرب التي لا معنى لها".
وتقول الصحيفة إن الحرب في اليمن أثبتت أنها مشكلة كبيرة بالنسبة لإدارة ترامب، التي أمدت السعودية والإمارات بأسلحة متطورة، ومعلومات استخباراتية، وتدريب عسكري، وقامت بإمداد الطائرات المقاتلة بالوقود في الجو، مشيرة إلى أن ذلك الدعم لم يستطع التعامل مع مشكلات العملية العسكرية التي تقودها السعودية، حيث أعرب كل من ماتيس وفوتيل عن إحباطهما من عدم تمكن التحالف من التقليل من عدد الضحايا المدنيين لغاراته الجوية.
ويشير التقرير إلى أن طائرات التحالف قامت باستهداف حافلة مدرسية بالخطأ في اليمن في آب/ أغسطس، وقتل في الغارة 40 طفلا، وعندما دافع السعوديون عن تلك الغارة حذرهم كل من ماتيس وفوتيل بأن عليهم فعل شيء لتجنب قطع المساعدات الأمريكية، بحسب المطلعين على تلك المباحثات، لافتا إلى أن السعودية اعترفت في النهاية بأنها ارتكبت خطأ، ووعدت باتخاذ خطوات لمنع وقوع غارات جوية شبيهة، أما في العلن فقد حاجج كل من ماتيس وفوتيل بأن قطع المساعدات العسكرية الأمريكية مرة واحدة سيجعل المشكلة تبدو أسوأ.

ويستدرك نيسونباوم بأن المعارضة السياسية في الكونغرس تزايدت، فأعضاء الكونغرس من الحزبين غضبوا لمقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في 2 تشرين الأول/ أكتوبر داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، واستنتج مسؤولو المخابرات الأمريكية بأن أوامر القتل أتت في الغالب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فيما دافع ترامب عن ابن سلمان على اعتبار أنه حليف ضروري لأمريكا.
وتلفت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي تزايدت فيه معارضة الكونغرس للسعودية والحرب في اليمن فإن ماتيس تحرك في أوائل تشرين الثاني/ نوفمبر للتخفيف من حجم الدعم العسكري الأمريكي، من خلال إيقاف عمليات الإمداد بالوقود في الجو للطائرات الحربية السعودية والإماراتية، لافتة إلى أن ذلك لم يكن كافيا للاستجابة لتخوفات أعضاء مجلس الشيوخ، الذين دعوا لقطع التمويل، ثم صادقوا على قرار يحمل الأمير محمد مسؤولية مقتل خاشقجي.

وبحسب التقرير، فإن الرياح السياسة المتحولة ساعدت في تغيير الحسابات لأمريكا وحلفائها، وقال السفير الإمارتي في أمريكا، يوسف العتيبة: "كان هناك إجماع لعدة أشهر حول الحاجة للتوصل إلى حل سياسي لإنهاء الصراع في اليمن.. وأدت هذه الحوارات دورا مهما في الوصول إلى هذه النقطة"، مشيرا إلى أن المسؤولبن في السفارة السعودية في واشنطن رفضوا التعليق.
ويفيد الكاتب بأن ماتيس بدأ في تخصيص وقت أطول لليمن في الأشهر الأخيرة، حيث بحث عن طرق جديدة لإنهاء الصراع، وقام بلقاء المبعوث الأممي الخاص غريفيثس عدة مرات، وقال ماتيس للمراسلين في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر: "ربما تحدثت معه بمعدل مرة كل أسبوعين، إما وجها لوجه، أو من خلال الهاتف، وأحيانا عدة مرات في الأسبوع".
وتذكر الصحيفة أنه في قضية ميناء الحديدة، طلب المسؤولون الإماراتيون تدخلا أمريكيا عسكريا مباشرا، لكن الجنرال فوتيل وضباط القيادة المركزية حذروا من أن هجوما برمائيا فيه مخاطرة، بحسب المطلعين على تلك النقاشات، مشيرة إلى أن حصارا كاملا كان من المحتمل أن يؤدي إلى مجاعة واسعة النطاق وكوليرا ووفيات، بحسب الخبراء.
وينوه التقرير إلى أن الميناء بقي يعمل إلى الآن بأقل من قدرته، بحسب المسؤولين الأمميين، وبقي يخدم على أنه بوابة للمساعدات الإنسانية لحوالي ثلاثة أرباع الشعب، البالغ عددهم 28 مليونا.
ويفيد نيسونباوم بأنه سيتم استبدال ماتيس يوم الثلاثاء بنائبه باتريك شاناهان، وهو مدير سابق لشركة بوينغ، وخبرته محدودة في مجالي السياسة الخارجية والشؤون العسكرية، وسيبقى وزيرا للدفاع حتى يجد ترامب بديلا لماتيس.
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى أن الأمر يبقى مفتوحا حول ما إذا سيخصص الوزير الجديد الوقت والجهد الذي بذلهما ماتيس ذاتهما لحل مشكلة الحرب في اليمن.



يمكنك الدخول الى موقع مأرب برس لقراءة الخبر من المصدر


إرسال تعليق

 
Top