بعد المعلومات المهمة التي كشف عنها موقع «بزفيد نيوز» الأمريكي حول تعاقد دولة الإمارات مع شركة مرتزقة أمريكيين لتنفيذ اغتيالات ضد قادة سياسيين ودينيين في عدن، العاصمة المؤقتة (جنوبي البلاد)، استدعى صحفي يمني اللحظات التي عاشها داخل المبنى وقت التفجير.

وكتب الصحفي عبدالله دوبلة مقالاً لـ«المصدر أونلاين»، عن لحظات التفجير الذي أثار الرعب والهلع بينما كان مع عشرة من الزملاء الصحفيين داخل مكتب النائب إنصاف مايو الذي يشغل أيضاً رئيس حزب الإصلاح في مدينة عدن جنوب اليمن.

وحسب دوبلة فإن دقائق قليلة فصلت بين خروج النائب مايو وبين وقوع الانفجار الذي أثار الهلع والرعب في الحي الذي يقع في نطاقه المبنى.

وأشار إلى جزئية مهمة هي ما نقله سكان في المنازل المجاورة أنهم سمعوا يومها المهاجمين المقنعين يتحدثون اللغة الإنجليزية وهو ما لم يستوعب يومها، حيث كان تفسير ما حدث ضمن صراع محلي وفي عدن تحديداً يأخذ طابع جهوي أو حزبي.

«المصدر أونلاين» ينشر نص المقال:

ذكريات ليلة مرعبة في عدن كيف يمكن للمرء أن يستعيد ذكرياته عن ليلة مرعبة كادت أن تؤدي بحياته في هجوم ارهابي اكتشف مؤخرا ان وراءه مرتزقة امريكيون استأجرتهم دولة شقيقة قيل انها أتت لمساعدة اليمن واليمنيين.

في مساء 29 ديسمبر 2015، كانت الأجواء عادية في مكتب النائب البرلماني انصاف مايو بكريتر عدن وهو رئيس التجمع اليمني للإصلاح في المحافظة، وقد اتخذنا من دوره الاعلى سكناً لنا كصحفيين هاربين من صنعاء من بطش الحوثي وتنكيله بالإعلاميين، وايضا كمكان للعمل وجلسة تعاطي «القات».

كان النائب انصاف قد اتى إلينا بكتب عن الفنان اليمني الكبير محمد مرشد ناجي ووزعها علينا بعد أن استفزه صحفي من لحج في اليوم الأول بأن الفنان اللحجي فيصل علوي أفضل منه، ويعرف عن انصاف تشيعه للمرشدي الذي يشترك معه في الاصول الصومالية من جهة والدة المرشدي فضلا عن كونه فنان يمني كبير.

بعكس المكاتب الحزبية للإصلاح بالعاصمة صنعاء والمحافظات كان في مكتب انصاف لا يعاب على من يرتادوه فتح الاغاني اليمنية الأصيلة، وفي بعض الأحيان الرقص معها قبل جلسات المقيل والسمر لمضغ القات.

بل إن انصاف نفسه خبير في الغناء اليمني والعدني بالأخص، وهو القادم للعمل السياسي من نشاطه الرياضي في أعرق نادي يمني وعربي «التلال» العدني.

في ذلك المساء وقبل عملية استهدافه كان يحدثنا عن أفضلية المرشدي وريادته في الفن اليمني بمختلف ألوانه من صنعاني إلى عدني وتعزي وتهامي، مستشهداً ببعض الأغاني التي كنا نبحث عنها من خلال الإنترنت، ونشغلها عبر الكمبيوتر المحمول لأحد الزملاء الصحفيين.

عند ما يقارب الساعة العاشرة مساءاً غادرنا النائب انصاف، ولم يمض على مغادرته دقائق حتى سمعنا حيث كنا في الدور الثالث انفجاراً كبيراً ومزدوجاً استهدف الباب الخارجي للمبنى الصغير وايضا سيارة مفخخة للمهاجمين بالقرب من الباب.

كنا أقل من عشرة، صحفيين من عدة محافظات، ورئيس الدائرة الإعلامية لإصلاح عدن خالد حيدان والحارس الصبيحي الذي لم يكن يمتلك أكثر من بندقية كلاشنكوف.

عشنا حالة رعب رهيبة وكنا نتخيل أن المهاجمين سيقتحمون المبنى في أي لحظة للقضاء علينا، كان الحارس يطلب منا عدم مغادرة الدور الثالث، وبعد أكثر من ربع ساعة تخللها إطلاق رصاص من حراسة البنك المركزي في نهاية الشارع، دخل علينا مواطنون من جيران المبنى أبلغونا بأن المهاجمين الذين يغطون وجوههم بأقنعة تحفي ملامحهم قد رحلوا وقالوا لنا حينها إنهم سمعوا المهاجمين يتحدثون اللغة الإنجليزية حينها لم نستوعب الأمر وبدا لنا أن فيه مبالغة تسببت فيها حالة الهلع الذي خلفه الانفجار، حيث كنت اظن ان المهاجمين يتبعون عناصر متطرفة من الحراك الجنوبي يزعجها وجود صحفيين من الشمال في مكتب النائب الاصلاحي انصاف.

 الا ان التقرير المنشور في الموقع الامريكي «بزفيد نيوز» فسر هذه المسألة حسب شهادة المهاجمين أنفسهم بأنهم مرتزقة أمريكيون استأجرتهم الامارات لاغتيال النائب انصاف مايو، وهو ممثل كريتر في مجلس النواب منذ العام ?? ويحظى بحب وتقدير واسعين من أبناء دائرته ومن سكان عدن عموماً فهو الرجل البسيط الذي يجدونه أمامهم في كل مكان.

من النقاط التي حيرتني يومها عدم احتراق سيارتي التي لم يكن يفصلها عن السيارة المفخخة غير خطوات، وحين شاهدت الفيديو المنشور في الموقع والذي يبدو ان المهاجمين قد صوروه عبر الاقمار الصناعية ما يشير للإمكانات الكبيرة التي توفرت لهم اكتشفت ان احدى مدرعات المهاجمين قد حالت وقت الانفجار بين سيارتي وبين السيارة المفخخة، وانا الذي كنت أظن ان ملاكاً كريماً قد فعل ذلك.

هو لطف الله بالفعل، وإلا كنا في عداد الموتى، لعملية صبيانية لأمراء امتلكوا المال والنفوذ لدى الدوائر الغربية حتى خيل لهم انهم يمكنهم ان يقتلوا من يشاؤون كأي عصابة مافيا لا تكترث لشيء من القيم الإنسانية والأخلاق، أو حتى الخوف من العقاب.

لأجل أمن اليمن، وسلامة أبنائه يجب ألا تمر هذه الحادثة مرور الكرام، من مسؤولية الحكومة والتحالف العربي أو بالأصح الجارة السعودية التحقيق فيها ومحاسبة المسؤولين عنها.

فهذه العملية والتي كانت من أوائل العمليات في عدن بعد التحرير هي المفتاح لمعرفة كل الجرائم التي حدثت في تلك الفترة وما بعدها بما فيها العملية الارهابية التي أودت بالمحافظ جعفر سعد، والأئمة والخطباء في عدن.

عبدالله دوبله

مقال خاص بـ«المصدر أونلاين»

يمكنك الدخول الى موقع هناعدن لقراءة الخبر من المصدر

إرسال تعليق

 
Top